ديمومية الحركة ومعارك الإنتشار في قراءة نص أدبي باذخ السخف في مراقبة جنين سقط للتو من بين فخذي الحياة والدماء تعلو جبينه وصوت الصراخ يقرع أبواب ذلك المبنى الهزيل ونوافذه الخشبية المتهالكة التي بللها الشتاء وماءه المالح و رياح عاتية أنتشلت خيام البدو الرحل من جذوع الأرض اليابسة منذ زمن وأطفئت السما نارهم المشتعلة .. الأم تغرق في آهاتها و عرقها و تدخل في مرحلة التيه .. في غيبوبة اللاوعي اللا إنتصار و اللا هزيمة .. الطبيب يخرج مبتسما كأنه دك حصون قسطنطنية أو نال من رأس لويس الرابع عشر !
لكن لا أحد ينتظر بالخارج لا أحتفالات و لا دعاء وإبتهالات لا فرح ولا زغاريد ولا قطع من الشوكلاته و الورود والبالونات الوردية والزرقاء تملىء الممر وتزين وحشة الزنزانة الطبية ولا حتى أبتسامات وكلمات منمقة تقابل الطبيب وفريقه !!
كأنني ذلك الجنين الذي سقط متدليا من رحم أمه متعلقا بحبلها السري رافضا النور الساطع متمسكا بالظلمة العاتمة في أحشاءها .. أو ذلك الرجل الذي أنشقت الأرض من تحت قدميه في زنزانة مظلمة وسط سجانيه هذا المرة فسقط كله .. وبقى حبل المشنقة يلتوي رقبته ويعصرها و لكن لا مقص ولا مشرط ولا نور هنا هذه المرة !!
أنا ذاته الذي رفض خروجه الأول ملئ صراخه الغرفة .. ثم عاد ليرفض مجددا فكرة الخروج وظلت قدميه تصارع لتبقى ثابته على الحياة بشدة وتنتفض روحه وتضيق أنفاسه تدريجيا .. ثم ماذا ؟
- يسقط ليستسلم .. يسقط ليغفو .. وكأنه شيطان أخرج من جسد أو وحش بعين حمراء تسكن منتصف رأسه وتقط دما وهي نقطة ضعفه .. أو عجوز هرم من الحياة التي ظل يصارعها طويلا فأنتزع أجهزة التنفس وحقن نفسه بأبرة الموت الرحيم لكن قلبه أباء أن يتوقف حتى وأن سقط جسده !!
مهلا .. مهلا .. هناك إمراءة عجوز تتوكىء عصا خشبية نهشت أطرافها العثة في أخر الممر تسير ببطء شديد
يهرع الطبيب إليها .. مبروك أصبح لديكم ضيف جديد في الأسرة .. تتأمل تلك العجوز وجه الطيبب المبتسم بنجاح أول عملية وتمضي بلا همس .. يمضي ليطهر جسده ويرتشف قهوة الإنجاز ويشغل سيجارته متعجبا من صمتها المطبق .. ممرضة تصرخ وتسقط أرضا وتنزف دماءها يهرع زميلاتها لنجدتها .. صوت رنين الإنذار يدوي وصرخات الاستغاثة تعم المكان .. طلقات رصاص تخترق جسد الصغير وتهشم جمجمته .. ما تلك العجوز الإ الحياة .. !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.