إحصاءات قوقل

الجمعة، 5 يوليو 2019

خاطرة : الرحلة 4670 والمقاعد الثلاث الخالية !!






هنا من بين زوايا ممرات المطار التي وسعت الالاف البشر ومن بين عشرات الطائرات الراحلة والقادمة بسلام من بين كراسي خالية في ذلك المقهى ذو العلامة الخضراء وطفلة تبكي خوفا من ظلمة الطائرة في الرحلة الليلية الأخيرة التي أعتدنا حجزها سويا في هروبنا الدائم من مدينة صغيرة خالية من الحياة من مغامرات وجنون ومن صراخ نشوة الفرح وأن نحجز ثلاث مقاعد ملتصقة ونحن أثنان فقط بل واحد الست كنت تقولين ذلك دائما أعتدنا أن نسافر مع أخر نجوم الليل نتسابق على النافذة ونظل طيلة الرحلة غير منصتين لأوامر الطيار وصوته المزعج القاتل للحظة كلما تكررت أزدادت جمالا فنلصق وجيهنا على النافذة الصغيرة نراقب النجوم عن قرب ونغازل القمر الذي طالما رأيناه بعيدا ونبتسم ..
ونرى مدينتنا التي هربنا بعيدا عنها تبدو أكبر وأجمل من السما فهي كسلسل ذهب ناصع اللمعان سكب على جسد عروس خلقت من ثلج وغطاءها ..!
 والآن بت أنتظرك أكثر من أي وقت مضى .. بت أهزم وأتنصع النصر بت أخذل من كل الأيدي الممتدة أو هكذا كنت أظنها ممتدة لي وإذا بي أنسى أن ألسنة الكلاب ممتدة و جلود الأفاعى ممتدة ومخالب النصور ممتدة كيف كان يخيل أمامي طائر النورس وديعا فإذا به ينهش ما تبقى من جسمي المنهوش مرارا كيف رأيت في أظافرك المزينة بالأصباغ يوم العيد أنها فاتنة وكمخالب قطة مولودة للتو هشة رقيقة ناعمة الأطراف فإذا بها تدمى جرحا أعمق فيني وتنزف قيحا ودما أخبرني كيف خدعت بك ألفا ومازالت رسائلي شوقا لا تتوقف في الذهاب إليك ..!
لكن صدقني أنا وأنت أحببنا بعضنا أكثر منهم لكن لم نملك تلك الحنجرة اللعينة لنصدح بما نخفى ولم نمتلك الجرأة لذلك الموعد الغرامي رغم أن أنفسنا كانت تهوى لتتواعد سرا وخفية عن أعين المتربصين كم حذرتك من حقدهم وحسدهم ووشايتهم وكنت تتمايل وتضحك ..!
 نحن لم نفهم حروف أعيننا المتلامعة حروفنا الستة أو السبعة إن أردت أحتساب حرفك الأخير حرفا ينطق ولا أيدينا عندما تتلامس صدفا فتنفر ثم تعود إلى ملامسة بعضها خجلا تارة وعمدا تارة أخرى ..!!
 ها أنا أكتب لك من الرحلة أربعة الالاف وستمئة وسبعون من المقاعد الثلاثة في رقم أثنان وخمسون وقد وضعت حزام الأمان على خصري بعدما كنت أرفض أن أقيد وكنت تنزعج وتحرج من ذلك التصرف  ..!
الآن بدأت الطائرة تتحرك على مسارها الأرضي وها هو الطيار بدأ في فرض وصاية الروتينية ورجل في نهاية الأربعين يبدو مهتما في المضيفة العربية أقلعت الطائرة أشتدت درجة البرودة فيها أغلقت ستار النوافذ حتى لا أرى الأرض الذهبية أشعلت الموسيقى أغمضت عيوني في محاولة يائسة للنوم أو تصنعه أحسست بخشرجة في صدري وجفاف في لساني أرجل متصلبة وباردة أطراف يدي ترتجف حاولت جاهدا أن أمتد بمفردي على مقاعدي الثلاث أن أسقط ك جمل أهلكه طول مسيرة خمسة عشر ساعة سقط في الصحراء بمفرده وأحرقت الشمس ما تبقى من جسده !!






حسن آل محمد 
04\07\2019 
03:10 Am








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.